تغير المناخ والصراع يدفعان اليمن إلى حافة الهاوية
ملخص:
يعاني اليمن من أزمة مائية حادة بسبب عوامل متعددة منها الجفاف، والصراع، وسوء إدارة الموارد.
يؤدي شح المياه إلى تفاقم الجوع، وانتشار الأمراض، وتشريد السكان، ويهدد الأمن الغذائي.
يتطلب حل أزمة المياه في اليمن جهوداً دولية متضافرة، والاستثمار في البنية التحتية، وتطبيق سياسات مائية مستدامة.
يشهد اليمن خلال يناير 2025 ظروفاً مناخية قاسية تتمثل في جفاف شديد وانخفاض حاد في درجات الحرارة، خاصة في المناطق المرتفعة، مما أدى إلى موجات صقيع أضرت بالمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية. هذه التغيرات المناخية أدت إلى تفاقم أزمة المياه في البلاد، وهددت الأمن الغذائي، خاصة مع اقتراب موسم الزراعة الرئيس. يتطلب الوضع الحالي اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع هذه التغيرات، مثل تطوير استراتيجيات للحفاظ على المياه، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتوفير الدعم للمزارعين والرعاة، فضلاً عن فرض الاستقرار في البلاد وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
أزمة المياه في اليمن
يواجه اليمن أزمة مياه بسبب مجموعة من العوامل. وتشمل هذه العوامل مناخها الجاف، والنمو السكاني السريع، وعقود من عدم الاستقرار السياسي، والصراع المستمر. كما يساهم انتشار القات كمحصول نقدي، والذي يستهلك جزءًا كبيرًا من موارد المياه في اليمن، في الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المياه الملوثة، ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، وضعف خدمات الصحة العامة تؤدي إلى تفاقم الوضع.
يشكل شح المياه أزمة خطيرة ليس على المستوى المحلي أو الوطني فحسب، بل أيضا أزمة عالمية خطيرة تهدد استدامة الحياة على كوكبنا. فالمياه هي أساس الحياة، وهي ضرورية للإنتاج الزراعي والصناعي، والحفاظ على النظم البيئية. يؤدي نقص المياه إلى تفاقم الجوع والفقر، وزيادة حدة النزاعات والصراعات، وتهجير السكان. كما يهدد شح المياه التنوع البيولوجي، ويؤثر سلبًا على الصحة العامة، ويزيد من حدة التغيرات المناخية. لذلك، فإن مواجهة هذه الأزمة تتطلب جهودًا عالمية متضافرة لتوفير إمدادات مستدامة من المياه العذبة، وتبني ممارسات مستدامة لإدارة الموارد المائية.
يعتبر اليمن من أكثر الدول ندرة في المياه، حيث تتجاوز سحوبات المياه الجوفية معدل التجديد السنوي. تستهلك الزراعة 90% من المياه المسحوبة في اليمن، مما يترك 8% للاستخدام السكاني و2% للاستخدام الصناعي. إن تغير المناخ والنمو السكاني السريع يزيدان من الضغط على الموارد المائية المحدودة. كما أن ندرة المياه تؤدي إلى تقليل الإنتاج الزراعي، مما يهدد الأمن الغذائي والتغذية. علاوة على ذلك، تؤدي ندرة المياه إلى صراعات محلية بين المجتمعات على المصادر القليلة والمتفرقة للمياه. غالباً، تتحمل النساء والأطفال عبء البحث عن المياه، مما يزيد من معاناتهم.
معالجة مشكلة المياه في اليمن
تواجه الدول غير المستقرة أو التي تعاني من أزمات - مثل اليمن - صعوبات في التخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، وخاصة مشاريع المياه، لأسباب متعددة ومتشابكة. من أبرز هذه الأسباب النزاعات والصراعات؛ حيث تؤدي الحروب والصراعات المسلحة إلى تدمير البنية التحتية القائمة، وتشريد السكان، وتعطيل الاقتصاد، مما يجعل من الصعب توفير التمويل اللازم لمشاريع المياه الجديدة. كما أن الظروف الأمنية غير المستقرة تجعل من الصعب على العاملين في مجال الإنشاءات العمل بأمان وفعالية.
تعاني مثل هذه الدول عادة من فقر مدقع يحد من قدرتها على توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة والمعقدة. كما أن انخفاض الدخل القومي يقلل من قدرة الحكومات على تحصيل الضرائب اللازمة لتمويل هذه المشاريع. علاوة على ذلك، يستشري الفساد في العديد من الدول النامية، مما يؤدي إلى إهدار الموارد العامة وتأخير المشاريع أو فشلها. كما أن الفساد يضعف الثقة بين الحكومة والشعب، مما يجعل من الصعب حشد الدعم الشعبي للمشاريع التنموية. أخيراً، تعاني هذه الدول من نقص في الكفاءات الهندسية والفنية اللازمة لتخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المعقدة. كما أن ضعف المؤسسات الحكومية يجعل من الصعب إدارة هذه المشاريع بشكل فعال.
بناء على ذلك، فإن المساهمة في تقليل أزمة شح المياه في اليمن لا يتطلب تقديم الدعم المالي فحسب، أو رفع الوعي بأهمية الحفاظ على المياه وتحسين كفاءة إدارتها، بل يتطلب نهجا استراتيجياً شاملاً طويل المدى، يبدأ بتطبيع الحياة وفرض الاستقرار وتنشيط الاقتصاد. من المهم تحسين الدخل القومي في اليمن وتحسين قدرته على تحصيل الضرائب ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية وزيادة كفاءة القطاع العام والتعاون مع القطاع الخاص. يتطلب تحقيق مثل هذه التطلعات الكثير من العمل الجاد والتعاون على الصعيدين المحلي والدولي.
إن أزمة المياه في اليمن تمثل تحدياً وجودياً يهدد حياة الملايين ويهدد بتقويض أي أمل في تحقيق التنمية المستدامة في البلاد. فالتداخل المعقد بين العوامل الطبيعية والاجتماعية والسياسية يجعل من هذه الأزمة واحدة من أشد الأزمات إلحاحاً في العالم. تتطلب معالجة هذه الأزمة نهجاً متكاملاً يشمل الاستثمار في البنية التحتية للمياه، وتعزيز كفاءة استخدام المياه، وتنفيذ سياسات مائية مستدامة، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية. ولكن الأهم من ذلك، يتطلب حل هذه الأزمة تحقيق السلام والاستقرار في اليمن، مما يخلق بيئة مواتية للاستثمار في البنية التحتية وإدارة الموارد المائية بشكل فعال. إن الاستثمار في المياه في اليمن ليس مجرد استثمار في البنية التحتية، بل هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة.
Comentarios