top of page

الدعاء في قلب الفن اليمني: مشروع 'ألحان الزمن الجميل' نموذجاً

محمود الهندي.. موسيقي يصنع الجسور بين الماضي والحاضر


ملخص

  • تلعب القصائد الدينية دوراً محورياً في الثقافة اليمنية، وتعبر عن هوية الشعب اليمني وتراثه العريق.

  • يساهم مشروع "ألحان الزمن الجميل" في الحفاظ على التراث الموسيقي والشعري اليمني من خلال إعادة تقديم الألحان والقصائد التراثية بأسلوب عصري جذاب.

  • للفنون الدينية تأثير على المجتمع والثقافة، وتساهم في بناء مجتمعات أكثر تماسكاً وأخلاقية.

 

يمثّل الدعاء والابتهال إلى الله موضوعاً أساسياً في الشعر والثقافة اليمنية؛ حيث نجده في القصائد والأغاني والأهازيج والأناشيد وغيرها من الأشكال الفنية. ولعل تجربة مشروع "ألحان الزمن الجميل" للموسيقي محمود الهندي أحد أكبر الأدلة على قوة تمسك اليمنيين بهذا الإرث الثقافي النابض بالحياة والمليء بالحكمة والرجاء.


للقصائد الدينية أهمية بالغة في مختلف الثقافات، فهي تشكل جزءاً أساسياً من التراث الروحي والحضاري للشعوب. تعمل القصائد الدينية على تقوية الروابط بين الإنسان وخالقه، وتحمل رسائل سامية وقيماً أخلاقية نبيلة، مثل العدل والرحمة والصبر والتسامح، مما يساهم في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وأخلاقية.


من هذا المنطلق، يقود الموسيقي محمود الهندي مشروع "ألحان الزمن الجميل" الذي يعمل على إعادة تقديم الألحان والقصائد التراثية بأسلوب موسيقي جذاب لجيل اليوم، والتي تشكل المواضيع الدينية جانباً ليس بقليل منها، كما أنها تعكس أيضاً تقاليد المجتمع اليمني وعاداته وقيمه، وتساهم في الحفاظ على تراثهم وتناقله للأجيال القادمة، وتساعدهم على مواجهة تحديات الحياة بصبر وثبات، استكمالاً لدورها القوي في التأثير على الفنون والثقافة والمساهمة في إثراء الحضارة الإنسانية.


أطلق الهندي أولى حفلاته الموسيقية في شهر أبريل 2024 في مدينة تريم في حضرموت، بمناسبة عيد الفطر المبارك. تُعد تريم أحد أشهر المدن اليمنية، وقد تُوجت عاصمة للثقافة الإسلامية في العام 2010؛ تكريماً لدورها المحوري في نشر تعاليم الإسلام في قارتي آسيا وأفريقيا على مر العصور، ولما عُرفت به من رباطات علمية عريقة كرباط تريم ودار المصطفى، مما جعلها قبلة للعلم والعلماء من جميع أنحاء العالم. كما تشتهر بمعمارها الإسلامي الفريد، بما في ذلك أطول مئذنة طينية في العالم.


وفي يوليو 2024، قدّم محمود الهندي حفلة أخرى في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، ضمن احتفالات المدينة بموسم "البلدة" خلال شهر يوليو، وهم موسم سياحي مهم في المدينة يتوافد خلاله الزوار من كل مكان على شواطئ المدينة الباردة والمنعشة. وقدّم الهندي في مهرجانه الثاني ست مقطوعات تنوعت مواضيعها بين الدينية والغزلية والاجتماعية، وجميعها تعكس الفنون الغنائية والموسيقية التراثية في حضرموت.


تشكل الفنون الدينية المتنوعة عموماً جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية والروحية للشعوب، وتعتبر المحافظة عليها وإعادة إبداعها ونقلها إلى الأجيال القادمة من الأمور الحيوية لضمان استمرارية هذا التراث العريق. في الثقافة الإسلامية، على سبيل المثال، لعبت الفنون دوراً محورياً في التأثير على الفن الغربي، حيث انتقلت الموشحات والزخارف والخطوط والعمارة عبر التبادل التجاري والثقافي، مما أثرى الفنون العالمية.


إن الاهتمام بالفنون الدينية وتطويرها يعد مؤشراً على صحة المجتمعات وقدرتها على التغلب على الأزمات من خلال الحفاظ على جذورها الثقافية وتعزيز الوحدة والتماسك الاجتماعي.

 

Comments


bottom of page