top of page

العمارة الطينية في اليمن: إرث ثقافي وحل لتغير المناخ

تاريخ التحديث: ٥ أغسطس

تمثل العمارة الطينية في اليمن أحد الحلول المعقولة لمواجهة تغيرات المناخ وارتفاع تكاليف توليد الكهرباء.

وادي حضرموت مثال للعمارة الطينية في اليمن
وادي حضرموت مثال للعمارة الطينية في اليمن

ينتشر البناء بالطين في العديد من مناطق اليمن منذ عصور قديمة، ولا يزال الطين إلى اليوم واحد من مواد البناء الأساسية في العديد من المناطق مثل حضرموت وشبوة وصعدة والجوف، كما يُستخدم الطوب المحروق المصنوع من الطين وروث الحيوانات في مدن أخرى مثل صنعاء، ويُعد هذا النمط جزءاً أصيلاً من فنون العمارة المتميزة في اليمن. يُذكر أن كل من صنعاء وشبام حضرموت، إلى جانب مدينة زبيد، من مواقع التراث العالمي الإنساني.


وفي خضم الاهتمام العالمي بالممارسات الصديقة للبيئة لمواجهة تغير المناخ، يبرز البناء بالطين كأحد الاستراتيجات المهمة، بالرغم من غزو البناء الحديث، الذي يعد الإسمنت أحد مكوناته الأساسية، للعديد من مدن اليمن.


لقد برزت العمارة الطينية، والمعروفة أيضًا باسم بناء الأرض، كحل مقنع في مواجهة تغير المناخ بسبب استدامتها ومرونتها المتأصلة. يمثل الطين مورداً طبيعياً وفيراً يتطلب الحد الأدنى من العمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة للاستخراج والتحضير. تمتلك المباني الطينية خصائص كتلة حرارية ممتازة، مما يسمح لها بتنظيم درجة الحرارة بشكل طبيعي عن طريق امتصاص الحرارة أثناء النهار وإطلاقها ببطء في الليل. يقلل تأثير التبريد السلبي هذا من الاعتماد على الأجهزة المستهلكة للطاقة مثل مكيفات الهواء مع إنشاء بيئات داخلية مريحة حتى في المناخات الحارقة.


علاوة على ذلك، فإن الهياكل الطينية لها بصمة كربونية أقل مقارنة بمواد البناء التقليدية مثل الخرسانة أو الفولاذ لأنها لا تتطلب حرقاً بدرجة حرارة عالية أو عمليات تصنيع واسعة النطاق. ومن خلال استخدام الطين من مصادر محلية، يمكن للمجتمعات تقليل انبعاثات النقل المرتبطة بسلاسل توريد المواد لمسافات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الهندسة المعمارية الطينية ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي عن طريق استخدام التربة المستخرجة من أنشطة إعداد الموقع بدلاً من استغلال الأراضي البكر لأغراض البناء. ويساعد هذا النهج في الحفاظ على النظم البيئية ومنع إزالة الأشجار مع توفير حلول إسكان فعالة من حيث التكلفة في الوقت نفسه للفئات السكانية الضعيفة المتضررة من أزمات النزوح المرتبطة بالمناخ.


إن إعادة التأكيد على عبقرية البناء الطيني ضرورياً ليس فقط بفضل قدرة هذا الفن على مواجهة التغيرات المناخية، بل أيضاً لكونه يمثل جزءاً من هوية وثقافة الإنسان اليمني التي يشعر بفضلها بالفخر والانتماء، وهو أمر يعزز بلا شك التماسك الاجتماعي في بلد مزقته الحرب.

Comentários


bottom of page