top of page

عُمرها مئات السنين، مركز النور في حضرموت يكافح من أجل إنقاذ المخطوطات الثمينة

تاريخ التحديث: ٥ أغسطس

مركز النور في #حضرموت ينقذ آلاف المخطوطات من التلف والتهريب خارج #اليمن ، لكنه يناضل من أجل البقاء بعد 20 عاماً من الصمود.
ترميم مخطوطة في مركز النور حضرموت
ترميم مخطوطة في مركز النور حضرموت

بالرغم من انقاذ آلاف المخطوطات النادرة في مختلف أنحاء اليمن، إلا أن مركز النور، للدراسات والأبحاث وخدمة المخطوطات، لا يزال يرزح تحت ضغوط شحة الموارد، والحاجة إلى المزيد من الدعم؛ للاستمرار في القيام بمهمته في حظ الانتاج الفكري المتوارث منذ مئات السنين.

تم تأسيس مركز النور للدراسات والأبحاث وخدمة المخطوطات في العام 2002 في مدينة تريم بمحافظة حضرموت، وقد استطاع المركز خلال عقدين من الزمن جمع وانقاذ 1900 مخطوطة أصلية، ونسخ 750 مخطوطة أخرى من خلال تصويرها وطباعتها ورقياً، علاوة على تصوير 6400 مخطوطة والاحتفاظ بنسخة رقمية منها. وذلك بالإضافة إلى 11200 من الوثائق والمراسلات الرقمية والورقية، وأعداد أخرى من المطبوعات والمجلات والجرائد القديمة. وقد عمل المركز بجد على ترميم وحفظ كل ذلك الإرث الفكري الضخم؛ من أجل اتاحته لجيل اليوم وتوريثه لجيل المستقبل.

يعمل مركز النور على جمع وخدمة أكبر محتوى ممكن من الموروث الفكري في مكان واحد، والاعتناء به والحفاظ عليه من التلف والطمس. وهو يتطلع إلى أن يكون وجهة ميسرة للباحثين، ومركزاً لنشر الموروث الفكري، ومنارة لنشر الوعي بأهمية الحفاظ على المخطوطات والوثائق التاريخية القيّمة.

وبالإضافة إلى حفظ المخطوطات والوثائق خلال السنوات الماضية، فقد ساهم المركز في نيل العديد من الباحثين درجات علمية في الماجستير والدكتوراة، ناهيك عن التعرف على ملامح من تاريخ البلاد وتطورها الفكري، بل وحتى إثبات ملكية العقارات بعد ترميم وثائق قديمة. إضافة إلى ذلك، ساهمت جهود مركز النور في حماية المخطوطات من التهريب إلى خارج اليمن، كما هو شائع في البلاد، خصوصاً في المناطق الشمالية.

بدأ مركز النور عمله من خلال مسح ميداني للتعرف على المكتبات الخاصة والعامة في حضرموت، لكن ما لبث أن توسع عمله في عموم المحافظات اليمنية. وقد أنجز المركز منذ افتتاحه أكثر من 145 مسحاً ميدانياً.

لكن البحث عن المخطوطات والوثائق وترميمها وحفظها وفهرستها عمل شاق ومكلف؛ حيث يتطلب الكثير من الجهد في البحث واقناع أصحاب المخطوطات، كما يحتاج إلى مهارات خاصة ومواد مكلفة لعملية الترميم والحفظ والأرشفة، وهو ما يناضل المركز من أجل القيام به على أكمل وجه.

تزخر حضرموت، واليمن عموماً، خصوصاً المدن ذات النشاط الفكري التاريخي مثل زبيد وصنعاء، بإرث كبير من المخطوطات في مختلف المجالات، خصوصاً الفقه وعلوم الدين عموماً واللغة العربية والأدب، بل حتى العلوم الأخرى مثل الطب والفلك. تعود بعض تلك المخطوطات إلى ما قبل مئات السنين من اليوم؛ إذ يعود عمر أقدم مخطوطة لدى مركز النور إلى القرن السادس الهجري.

شهدت محافظة حضرموت، مثلها مثل أي مجتمع آخر، مراحل مختلفة من الإنتاج الفكري من الازدهار إلى الانحدار؛ وبحسب نائب مدير مركز النور، حسين العيدروس، فإن القرن العاشر الهجري هو الأكثر إنتاجاً فكرياً في تاريخ حضرموت. وبالرغم من أن العدد الأكبر من المخطوطات يعود إلى القرن الثالث عشر هجرية إلا أنه، وفقاً للعيدروس، يستند إلى الإنتاج الفكري للقرن العاشر.

ومن الملفت للنظر أن المخطوطات التي تم العثور عليها وترميمها وحفظها يتنوع كُتابها أو نُسّاخها بين الذكور والإناث، وإن كانت أغلب المخطوطات تعود للرجال، وهذا يدل على نشاط مُعترف به للمرأة في حضرموت، ودورها في الانتاج الفكري على مدى التاريخ. يُذكر أن بعض المخطوطات كانت أيضاً من عمل السلاطين، مثل السلطات غالب القعيطي، الذي ألف مخطوطة في أصول الفقه. وفقاً للعيدروس، لطالما شهدت العلاقة بين السلاطين والفقهاء في حضرموت تكاملاً ملفتاً.

وبالرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه مركز النور، إلا أنه لا يزال يمارس مهامه بكل عزم من أجل حفظ تاريخ وهوية حضرموت، وغيرها من المناطق، لكنه يتطلع في الوقت نفسه إلى زيادة قدراته ليتمكن من حفظ المزيد من هذا الإرث النادر، وهو ما يتطلب المزيد من الموارد المالية والبشرية والتأهيل.

إن حفظ التاريخ والإنتاج الفكري وتوثيق المصادر لا يعني إبراز تاريخ الأمة واستكشافه من أجل تعزيز الهوية والشعور بالفخر والانتماء فقط، بل لجعل إنتاج اليوم - في مختلف العلوم - أكثر موثوقية وموضوعية، وهو ما يساهم في توضيح الكثير من الحقائق وتفسير المزيد من الأحداث وتعزيز التواصل وبناء السلام.

Comments


bottom of page