أحد الأساليب الممكنة أيضاً لمكافحة نقص المياه في المجتمعات المتضررة هو من خلال دمج الأساليب التقليدية والحديثة، والاستفادة من قوة الابتكار مع احترام المعرفة الأصلية.
قال تقرير حديث صادر عن منظمة "هيومن رايتس واتش" أن أطراف الصراع في اليمن زادت من تفاقم أزمة المياه في البلاد منذ 2014، مستشهداً بما تشهده محافظة تعز من سيطرة قوية يمارسها الحوثيون على أحواض المياه في المحافظة، واستغلال تلك السيطرة كسلاح من خلال منع المياه في بعض الأحواض من التدفق إلى سكان المدينة، وهو ما يُعد انتهاكاً لحقوق الإنسان.
وسبق وأن أكد تقرير سابق آخر صادر عن "هيومن رايتس واتش" أن مشكلات المياه في اليمن تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان، مستشهداً بما يعانيه سكان عدن من انقطاعات في إمدادت المياه.
اليمن هو واحد من أكثر دول العالم التي تعاني من ندرة المياه، كما أن عمليات سحب المياه الجوفية الحالية تتجاوز التغذية السنوية. لا يعرض تناقص المياه السكان للخطر بشكل مباشر فحسب، بل أيضا بشكل غير مباشر من خلال التأثير على الانتاج الزراعي وبالتالي الأمن الغذائي. تهدد موارد المياه الجوفية المتناقصة الإنتاج الزراعي بشكل مباشر لأن القطاع يستهلك 90 بالمائة من المياه المسحوبة، مما يترك الاستخدام المحلي والصناعي عند 8 بالمائة و 2 بالمائة على التوالي.
يفتقر اليمن كذلك إلى بنية تحتية فعالة لجمع مياه الأمطار من أجل إمدادات المياه وإعادة تغذية المياه الجوفية. المياه التي كان من الممكن استخدامها لإعادة تغذية المياه الجوفية أو الإنتاج الزراعي تذهب هباءً لأنها تتدفق دون استغلال إلى البحر. في مقابل ذلك، لا توجد شبكات مياه حكومية في العديد من مناطق اليمن، بالذات الأرياف والبلدات الصغيرة؛ حيث يعتمد السكان فعلياً على شبكات أهلية قاموا بتشيدها بأنفسهم وبمساعدة من محسنين أو منظمات غير حكومية. يعتمد آخرون على شراء المياه من صهاريج المياه المتنقلة.
للمساهمة في معالجة أزمات المياه لا بد - بلا شك - من تحقيق السلام والاستقرار، وبشكل متزامن ينبغي تحسين القدرة على ضخ المياه للسكان من خلال بناء وتحسين شبكات توزيع المياه واستخدام الطاقة الشمسية في سحب المياه لتجنب التكاليف المرتفعة لسحب وضخ المياه باستخدام الوقود.
أحد الأساليب الممكنة أيضاً لمكافحة نقص المياه في المجتمعات المتضررة هو من خلال دمج الأساليب التقليدية والحديثة، والاستفادة من قوة الابتكار مع احترام المعرفة الأصلية. إذ يمكن تعزيز الممارسات التقليدية التي تنطوي على أنظمة تجميع مياه الأمطار مثل مستجمعات المياه أو الخزانات تحت الأرض باستخدام التقنيات الحديثة مثل أنظمة الترشيح والتنقية. ومن خلال دمج أحدث التقنيات مثل وحدات التكثيف التي تعمل بالألواح الشمسية أو استخدام الطاقة الشمسية في سحب المياه، يمكن للمجتمعات تنويع مصادر المياه الخاصة بها وضمان إمدادات أكثر استدامة.
يمكن أيضاً الحصول على المياه النظيفة من خلال استخدام التكنولوجيا الثورية المعروفة باسم التطهير الشمسي Solar Water Disinfection ، أو SODIS، وهي تقنية قللة التكلفة يمكن من خلال الحصول على مياه أنظف، خصوصاً في المناطق الفقيرة التي يوجد بها مياه غير صالحة للشرب.
من خلال تقنية التطهير الشمسي يمكن للأفراد تنقية مياه الشرب الخاصة بهم بسهولة باستخدام ضوء الشمس وقوارير المياه البلاستيكية. تستلزم العملية ملء القوارير الشفافة بالمياه وتعريضها لأشعة الشمس المباشرة لمدة ست ساعات تقريباً. استخدام قوارير مصنوعة من مواد أخرى غير البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) يزيد بشكل كبير من كفاءة تعطيل الفيروسات.
عندما تخترق أشعة الشمس فوق البنفسجية القارورة، فإنها تقتل بشكل فعال البكتيريا الضارة والفيروسات والطفيليات الموجودة في الماء - مما يجعلها آمنة للاستهلاك. وقد أثبتت هذه الطريقة منخفضة التكلفة فعاليتها بشكل ملحوظ في تحويل مصادر المياه غير النقية إلى مورد حيوي دون الاعتماد على أنظمة الترشيح باهظة الثمن أو المضافات الكيميائية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحلول القائمة على التكنولوجيا مثل أنظمة الري الذكية المجهزة بأجهزة استشعار تعتمد على مستويات رطوبة التربة أن تعمل على تحسين توزيع المياه للزراعة مع الحفاظ على الموارد. يوفر هذا المزيج من الحكمة التقليدية المتأصلة في الأعراف الثقافية جنباً إلى جنب مع التطورات المعاصرة فرصة لمعالجة ندرة المياه بشكل منهجي وشامل، مما يحقق المرونة والفوائد طويلة المدى للمجتمعات المتضررة.
Comments